من وسائل اكتساب الأخلاق العقيدة والعبادات

من وسائل اكتساب الأخلاق العقيدة والعبادات
42 0

الوصف

من وسائل اكتساب الأخلاق تصحيح العقيدة

أَن الْعَقِيدَة تَنْعَكِس وَلَا بُدَّ عَلَى أَخْلَاقٍ مُعْتَقِدُهَا ، فَالطَّرِيق لِتَصْحِيح الْأَخْلَاق هُوَ تَصْحِيحُ الْعَقِيدَة (فالسلوك ثَمَرَة لِمَا يَحْمِلُه الْإِنْسَانِ مِنْ مُعْتَقِدِ ، وَمَا يَدِينُ بِهِ مِنْ دَيْنٍ ، وَالِانْحِرَاف فِي السُّلُوكِ نَاتِجٌ عَنِ خَلَلِ فِي الْمُعْتَقَدِ ، فالعقيدة هِيَ السُّنَّةُ ، وَهِي الْإِيمَان الْجَازِم بِاَللَّهِ تَعَالَى ، وَبِمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَان بِمَلَائِكَتِه وَكُتُبِه ، وَرُسُلِه ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ، وَبِمَا يَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْأُصُولِ ، وَيَلْحَقُ بِهَا مِمَّا هُوَ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ ، وَأَكْمَل الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا أَحْسَنُهُمْ أَخْلَاقًا ؛ فَإِذَا صَحَّتْ الْعَقِيدَة ، حَسُنَت الْأَخْلَاق تَبَعًا لِذَلِكَ ؛ فالعقيدة الصَّحِيحَة (عقيدة السلف) عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي تَحْمِلُ صَاحِبَهَا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وتردعه عَنْ مَسَاوِئِهَا .

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم)).

الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 1162

فلقد حَثَّ الإسلامُ على التخلُّقِ بالأخلاقِ الحَسنةِ، ورفَع شأنَها، وبيَّن أهميتَها ومكانتَها العُظمى، وأيضًا حثَّ على العِشرةِ الطيِّبةِ للأهلِ ومُعاملتِهم بالمعروفِ.

وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا"، أي: أكثرُهم اتِّصافًا بصِفاتِ الإيمانِ ومِن أكثرِهم تزوُّدًا مِن الطَّاعاتِ، "أحسَنُهم خُلقًا"، أي: الَّذي يَمتَثِلُ بالخلُقِ الحسَنِ بينَ النَّاسِ جميعًا، فيُحسِنُ خلُقَه مع اللهِ عزَّ وجلَّ بالرِّضا بقَضاءِ اللهِ وقدَرِه، والصَّبرِ والحَمدِ في البلاءِ، والشُّكرِ عندَ النِّعمةِ، ويكونُ حَسَنَ الخلُقِ مع النَّاسِ بكفِّ الأَذى عنهم، وطَلاقةِ الوجهِ، والإحسانِ إليهم، وبَذْلِ العَطاءِ فيهم، مع الصَّبرِ على أذاهم؛ فكمالُ الإيمانِ يُوجِبُ حُسْنَ الخُلقِ، والإحسانَ إلى النَّاسِ كافَّةً.

"وخيارُكم"، أي: أفضَلُكم وأحسَنُكم، "خيارُكم لنِسائِهم"، وفي رِوايةِ الترمذيِّ "ألْطفُهم بأهْلِه"، أي: في حُسنِ خلُقِه مَعهنَّ في المعاملَةِ والمعاشرَةِ، والمرادُ مِن النِّساءِ: أهلُه مِن النِّساءِ كزَوجتِه وبَناتِه وأخواتِه وقَريباتِه؛ لأنَّهُنَّ مَحَلُّ الرَّحْمةِ لضَعفِهنَّ.

وفي الحديثِ: الحثُّ والتَّرغيبُ في حُسنِ الخلُقِ.

وفيه: الحثُّ والتَّرغيبُ في حُسنِ مُعاملةِ النِّساءِ.

وفيه: إثباتُ أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ .

 من وسائل اكتساب الأخلاق العبادات

إنَّ (العبادات الَّتِي شُرِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَاعْتُبِرَت أركانًا فِي الْإِيمَانِ بِهِ لَيْسَتْ طقوسًا مُبْهَمَةً فِي النَّوْعِ الَّذِي يُرْبَطُ الْإِنْسَان بِالْغُيُوب الْمَجْهُولَة ، وَيُكَلِّفُه بِأَدَاء أَعْمَال غَامِضَة ، وَحَرَكَات لَا مَعْنَى لَهَا ، كُلًّا ، كُلًّا ، فَالْفَرَائِض الَّتِي أَلْزَم الْإِسْلَامِ بِهَا كُلُّ مُنْتَسِبٌ إلَيْه ، هِي تَمارِين مُتَكَرِّرَة لتعويد الْمَرْءِ أَنْ يَحْيَا بِأَخْلاَق صَحِيحِه ، وَإِن يَظَلّ مستمسكًا بِهَذِه الْأَخْلَاق ، مَهْمَا تَغَيَّرَت إمَامِه الْحَيَاة .

وَالْقُرْآن الْكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ الْمَطْهَرَة ، يكشفان -بوضوح- عَنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ .

فَالصَّلَاة الْوَاجِبَة عِنْدَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَا أَبَان الْحِكْمَةَ مَنْ إقَامَتِهَا ، وَقَال : وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [العنكبوت : 45]

فالابتعاد عَنْ الرَّذَائِلِ ، وَالتَّطْهِيرِ مِنْ سُوءِ الْقَوْلِ وَسُوء الْعَمَل ، هُوَ حَقِيقَةٌ الصَّلَاةِ . . .

وَالزَّكَاة الْمَفْرُوضَة لَيْسَت ضَرِيبَة تُؤْخَذُ مِنْ الْجُيُوب ، بَلْ هِيَ -أولًا- غَرَس لمشاعر الْحَنَّان وَالرَّأْفَة ، وتوطيد لعلاقات التَّعَارُف وَالْأُلْفَةَ بَيْنَ شَتَّى الطَّبَقَات .

وَقَدْ نَصَّ الْقُرْآنِ عَلَى الْغَايَةِ مِنْ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة : 103]

فتنظيف النَّفْسِ مِنْ أَدْرَانِ النَّقْص ، والتسامي بِالْمُجْتَمَع إلَى مُسْتَوَى أَنْبَل هُوَ الْحِكْمَةُ الْأُولَى .

وَكَذَلِك شَرَع الْإِسْلَام الصَّوْم ، فَلَمْ يَنْظُرْ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ حِرْمَانٌ مُؤَقَّتٌ مِنْ بَعْضِ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَة ، بَل اعْتَبَرَه خُطْوَةٍ إلَى حِرْمَانِ النَّفْس دائمًا مِنْ شَهَوَاتِهَا الْمَحْظُورَة ونزواتها المنكورة .

مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1903 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

   

وفي هذا الحَديثِ يُحَذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن يَقتَصِرُ صِيامُه على الامتِناعِ عنِ الأكلِ والشُّربِ فقطْ، ولم يَترُكِ الكَذِبَ، والمَيلَ عنِ الحَقِّ، والعَمَلَ بالباطِلِ والتُّهمَةِ، فمَن يَفعَلُ ذلك لا يُريدُ اللهُ منه أنْ يَترُكَ الطَّعامَ والشَّرابَ، وليس مَعنى ذلك أنْ يُؤمَرَ الصَّائمُ الَّذي تَلبَّسَ بمَعصيةٍ أنْ يَترُكَ صِيامَه ويُفطِرَ، وإنَّما مَعناه التَّحذيرُ مِن قَولِ الزُّورِ أو العَمَلِ به، وتَعظيمُ التَّلبُّسِ بهذه المَعاصي حالَ الصَّومِ، حيثُ إنَّه يكونُ سَببًا في نُقصانِ أَجرِ عِبادَةٍ مِن أفضَلِ العِباداتِ، يَترُكُ الرَّجلُ طَعامَه وشَرابَه وشَهوتَه؛ ويَنقُصُ ثَوابَه قَولُ الزُّورِ والعَملُ به! وفي سُنَنِ ابنِ ماجه: «رُبَّ صائمٍ ليس له مِن صِيامِه إلَّا الجُوعُ».

وفي الحديثِ: حَضُّ الصَّائمِ على تَرْكِ المُنكَراتِ والمُحرَّماتِ.

في الحديث عن شعيرة الحج الكثير والكثير من الأخلاق : قال تعالي( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة: 197] )

مرفق بصيغة بي دي إف
مرفق بصيغة وورد