الألفة

الألفة
126 0

الوصف

الألفة

معنى الأُلْفَة لغةً: 

يقال: ألِفته إلفًا -من باب علم- وألفته أنِسْت به، ولزمته وأحببته، والاسم الأُلفة بالضمِّ، والأُلفة أيضًا اسم من الائتلاف، وهو الالتئام والاجتماع.

فهو مُؤْلَفٌ ومأْلُوفٌ...  وأَلَّفْتُ بينهم تأْلِيفًا إذا جَمَعْتَ بينَهم بعد تَفَرُّقٍ

لسان العرب)) لابن منظور (9/10).

معنى الأُلْفَة اصطلاحًا: 

الأُلْفَة: اتِّفاق الآراء في المعاونة على تدبير المعاش

وقال الرَّاغب: (الإلْفُ: اجتماع مع التئام، يقال: أَلَّفْتُ بينهم، ومنه: الأُلْفَة) 

التَّرغيب فِي الْأُلْفَةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ

- قَالَ تَعَالَى :﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾[آل عِمْرَان : 103]

قَال الرَّاغب الْأَصْفَهَانِيّ : (قوله : وَلاَ تَفَرَّقُواْ حَثٌّ عَلَى الأُلْفَة وَالِاجْتِمَاع ، الَّذِي هُوَ نِظَامُ الْإِيمَانِ وَاسْتِقَامَة أُمُور الْعَالِم ، وَقَد فضَّل المحبَّة والأُلْفَة عَلَى الإِنصاف وَالْعَدَالَة ، لأنَّه يحُتاج إلَى الإِنصاف حَيْث تَفَقَّد المحبَّة . وَلِصِدْق محبَّة الْأَب لِلِابْن صَار مؤتمنًا عَلَى مَالِهِ ، والأُلْفَة أَحَدُ مَا شرَّف اللَّهُ بِهِ الشَّريعة سيَّما شَرِيعَة الإِسلام)

 وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾[آل عمران: 103]

قال القرطبي: في قوله تعالى: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ (أي: جمع بين قلوب الأوس والخزرج. وكان تألُّف القلوب مع العصبيَّة الشَّديدة في العرب مِن آيات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ومعجزاته؛ لأنَّ أحدهم كان يُلْطَم اللَّطمة فيقاتل عنها حتى يستقيدها. وكانوا أشدَّ خَلْق الله حميَّة، فألَّف الله بالإيمان بينهم، حتى قاتل الرَّجل أباه وأخاه بسبب الدِّين. وقيل: أراد التَّأليف بين المهاجرين والأنصار. والمعنى متقارب) ((الجامع لأحكام القرآن)) (8/42).((الجامع لأحكام القرآن)) (8/42).

التَّرغيب في الألفة في السُّنَّة النَّبويَّة

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف))

عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((خيار أَئِمَّتِكُم : الَّذِين تحبُّونهم ويحبُّونكم ، ويصلُّون عَلَيْكُم ، وتصلُّون عَلَيْهِم ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ ))

إنَّ خِيَار النَّاس فِي نَظَرِ الشَّرع هُمْ الَّذِينَ يأْلَفون ويُؤْلَفون ، وخاصَّة حِين يَكُونُونَ فِي مَنْصِبِ أَوْ مسؤوليَّة ، إذْ قَدْ ينزلقون إلَى صورٍ مِن الْغِلْظَة والجفوة حِين يَكُونُون مَطْلُوبَيْنِ لَا طالبين.

- وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((النَّاس مَعَادِن كمعادن الفضَّة والذَّهب ، خِيَارُهُمْ فِي الجاهليَّة خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا ، وَالْأَرْوَاح جنودٌ مجنَّدة ، مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ))

وهذا مِن أكبر نعم الله في بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ألَّف به بين قوم قويت بينهم العصبيَّات، وينبغي أن يكون شأن المسلم هكذا: يؤلِّف بين المتفرِّقين ويأتلف حوله المحبون.

 أقوال السَّلف والعلماء في الأُلْفَة

- عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : رَأَى ابْنُ عبَّاس رجلًا فَقَال : (إنَّ هَذَا ليحبُّني . قَالُوا : وَمَا عِلْمُك ؟ قَال : إنِّي لأحبُّه ، وَالْأَرْوَاح جنودٌ مجنَّدة ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اختلف)

- وَعَن الأوزاعيِّ قَال : كَتَب إليَّ قَتَادَة : إنْ يَكُنْ الدَّهر فرَّق بَيْنَنَا فإنَّ أُلْفَة اللَّه الَّذي ألَّف بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَرِيبٌ

- وَقَالَ يُونُسُ الصَّدفي : (ما رَأَيْت أَعْقِل مِن الشَّافعي ، نَاظَرْتُه يومًا فِي مَسْأَلَةِ ، ثمَّ افْتَرَقْنَا ، وَلَقِيَنِي ، فَأَخَذَ بِيَدِي ، ثمَّ قَال : يَا أَبَا مُوسَى ، ألَا يَسْتَقِيمُ أَنْ نَكُونَ إخوانًا وَإِنْ لَمْ نتَّفق فِي مسألة)

- وَقَال السُّلمي : (وأصل التَّآلف هُوَ بُغْضُ الدُّنْيا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا ، فَهِيَ الَّتِي تُوقِعُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الإخوان)

- وَقَال الماورديُّ : (الإنسان مَقْصُودٌ بالأذيَّة ، مَحْسُودٌ بالنِّعمة . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ آلفًا مألوفًا تخطَّفته أَيْدِي حَاسِدِيهِ ، وتحكَّمت فِيهِ أَهْوَاءُ أَعَادِيهِ ، فَلَمْ تَسْلَمْ لَهُ نِعْمَةٌ ، وَلَم تَصْفُ لَه مُدَّة . فَإِذَا كَانَ آلفًا مألوفًا انْتَصَر بالأُلْفَة عَلَى أَعَادِيهِ ، وَامْتَنَع مِن حَاسِدِيه ، فسَلِمت نِعْمَتُهُ مِنْهُمْ ، وصَفَت مُدَّتُه عَنْهُم ، وَإِنْ كَانَ صَفْوُ الزَّمان عُسْرًا ، وسِلمُه خَطَرًا)

وقال ابن تيمية: (إنَّ السَّلف كانوا يختلفون في المسائل الفرعيَّة، مع بقاء الأُلْفَة والعصمة وصلاح ذات البين)

- وقال الأبشيهي: (التَّآلف سبب القوَّة، والقوَّة سبب التَّقوى، والتَّقوى حصنٌ منيع وركن شديد، بها يُمْنَع الضَّيم، وتُنَال الرَّغائب، وتنجع المقاصد) 

فوائد الأُلْفَة

1- قيام الأُلْفَة بين المؤمنين مِن أسباب النَّصر والتَّمكين.

2- الأُلْفَة تجمع شمل الأمَّة وتمنع ذلَّهم.

3- الأُلْفَة سببٌ للاعتصام بالله وبحبله.

4- الألفة من أسباب محبَّة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.

5- تُحقق التَّماسك الاجتماعي، وتُشيع روح المودَّة بين المسلمين.

6- داعية إلى التَّناصر وسلامة المجتمع المسلم.

7- توفِّر جوًّا اجتماعيًّا سليمًا لنمو الإنسان المسلم نموًّا سليمًا في إطار مبادئ الإسلام.

8- داعية إلى التَّوحد الاجتماعي، ونبذ أسباب الفُرْقة والمعاداة.

9- تُشيع التَّعاون بين المسلمين، وفي ذلك مدعاة لرضا الله تعالى ثمَّ رضا النَّاس.

مرفق بصيغة بي دي إف
مرفق بصيغة وورد