وِلادَةُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-

وِلادَةُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-
94 0

الوصف

مِنَ الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ إِلَى نُزُولِ الوَحْي

وِلادَةُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-

وَفِي نَهَارِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ عَامِ الْفِيلِ وُلِدَ سَيِّدُ الْخَلْقِ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:هَذَا هُوَ المَشْهُورُ عِنْدَ الجُمْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(1).

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ فَقَالَ: "فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ" (2).

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الْآثَارِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَامَ الْفِيلِ (3).

وَكَوْنُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- وُلِدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ فِيهِ حِكَمٌ مِنْهَا:

1 – مَا فِي شَرْعِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ شَبَهِ زَمَنِ الرَّبِيعِ، فَإِنَّهُ أَعْدَلُ الْفُصُولِ، وَشَرْعُهُ أَعْدَلُ الشَّرَائِعِ.

المراجع

(1) انظر البداية والنهاية (1/ 663).(2) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الصوم – باب استحباب صيام ثلاثةِ أيَّام من كُلِّ شهر وصوم يوم عَرَفة وعاشُوراء والاثنين والخميس – رقم الحديث (1162) (198).(3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده – رقم الحديث (17891) – والطحاوي في شرح مشكل الآثار – رقم الحديث (5968) – وأورده ابن الأثير في جامع الأصول – رقم الحديث (8772)

2 – وَلِأَنَّ فِي ظُهُورِهِ فِيهِ إِشَارَةٌ لِمَنْ تَفَطَّنَ لَهَا إِلَى اشْتِقَاقِ لَفْظَةِ رَبِيعٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفَاؤُلًا حَسَنًا بِبِشَارَةِ أُمَّتِهِ، فَالرَّبِيعُ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَمَّا في بَطْنِهَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، ومَوْلِدُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي رَبِيعٍ إِشَارَةٌ ظَاهِرَةٌ إِلَى التَّنْوِيهِ بِعَظِيمِ قَدْرِهِ، وأنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ (1).

  • عَلَامَاتٌ ظَهَرَتْ عِنْدَ وِلَادَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

ظَهَرَتْ بَعْضُ الْعَلَامَاتِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ ذَلِكَ:

  • ظُهُورُ نُورٍ مِنْ أُمِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ:

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وابنُ حِبَّانَ والحَاكِمُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ س عَنِ العِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وإنَّ آدَمَ عَلَيهِ السَّلامُ لَمُنْجَدِلٌ (2) .في طِينَتِهِ، وسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ (3)، وبِشَارَةُ أخِي عِيسَى (4)، ورُؤْيَا أُمِّي التِي رَأَتْ حِينَ

المراجع

(1) انظر شرح المواهب (1/ 249).(2) أي مُلقى على الجدالة، وهي الأرض. انظر النهاية (1/ 240).(3) قال اللَّه تَعَالَى في سورة البقرة آية (129) على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وهما يبنيان الكعبة: ﴿ رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ١٢٩ ﴾(4) قال اللَّه تَعَالَى في سورة الصف آية (6) على لسان عيسى عليهِ السَّلامُ، وهو يُبَشِّر بنِي إسرائيل بِبِعْثَةِ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: ﴿ وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ٦ ﴾

وَضَعَتْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ" (1).

ورَوَى الحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ أصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُمْ قَالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ؟

فقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْوَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ، وبُشْرَى عِيسَى، ورَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أضَاءَتْ لَهُ بُصْرَى، وبُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ" (2).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وتَخْصِيصُ الشَّامِ بِظُهُورِ نُورِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إشَارَةٌ إِلَى اسْتِقْرَارِ دِيِنِهِ وَثُبُوتِهِ بِبِلَادِ الشَّام، ولِهَذَا تَكُونُ الشَّامُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَعْقِلًا لِلْإِسْلَامِ وأهْلِهِ، وبِهَا يَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عَليهِ السَّلامُ إِذَا نَزَلَ بِدِمَشْقَ بِالْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ البَيْضَاءِ مِنْهَا (3)، ولِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ، وَهُمْ كَذَلِكَ".

وفي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ، قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّامِ (4).

المراجع

(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند – رقم الحديث (17163) – وابن حبان في صحيحه – رقم الحديث (6404) – والحاكم في المستدرك – رقم الحديث (3619 – 4230).(2) أخرجه الحاكم في المستدرك – رقم الحديث (4230) – وأورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 730)، وقال: إسناده جيد.(3) أخرج نزول عيسى عليهِ السَّلامُ بدمشق عند المَنَارة البيضاء: الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الفتن وأشْرَاطُ الساعة – باب ذكر الدجال – رقم الحديث (2937).(4) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الاعتصام – باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تزالُ طائِفَةٌ من أمَّتِي ظَاهِرِينَ على الحقِّ" – رقم الحديث (7311) – وأخرجه في كتاب التوحيد – باب

مرفق بصيغة بي دي إف
مرفق بصيغة وورد